مفهوم سجن الوظيفة
بلا شك العديد من الناس حول العالم لا يملكون القدرة او العزيمة على التخلي عن مناصبهم الوظيفية خاصة في عالم يتزايد فيه الاعتماد على الوظائف من اجل الحصول على دخل ثابت وقار، في حين نجد ان اكثير من هؤلاء الموظفون يعانون في صمت في كلا القطاعين الخاص والعام حيث تجدهم يعانون من ضغوط مالية كبيرة جدا. ويكاد مفهوم "سجن الوظيفة" أن يكون شائعًا بين العامة، حيث يجد الموظفون أنفسهم عالقين في وظائفهم بسبب الراتب الثابت والذي يمكن تسميته بالفتات المعيشي، بالاضافة الى ان هناك البعض من تجدهم حكموا على انفسهم بالعبودبة الوظيفية من خلال شرائهم السيارات والمنازل بعقود بنكية او اخذهم اموالا ربوية الشيء الذي يجعلهم يستقرون ويخضعون للواقع المعيشي المفروض عليهم، ولذلك تجد ان الراتب المزعوم اصبح يغلب على محدودية الفرص لتحقيق الاستقلال المالي. وهذا يتطلب التكيف مع الوضع المعيشي لتحقيق توازن بين الاحتياجات المالية والتطلعات المستقبلية، ومن اجل ذلك قد اخذنا بعين الاعتبار هذا الموضوع ليكون موضوع مقالنا هذا الذي قمنا بتقسيمه الى قسمين.
القسم الأول: صعوبات الاعتماد على الراتب
1. سجن الوظيفة: لماذا يعتبر راتبك عقبة امام استقلالك المالي؟
لقد اصبح العديد من الشباب والشابات وكل من يتقاضى راتبا شهريا او اسبوعيا او الكانزة كما يقال لها في بعض المناطق يعانون من ظاهرة "سجن الوظيفة" او الزنزانة كما يمكن وصفها، حيث يكون الراتب الشهري هو الوسيلة الوحيدة التي يعتمدون عليها في عيشهم. مما يفرض عليهم هذا النمط قيودًا نفسية قد تؤدي إلى ضغوط نفسية بسبب قلة الاستقلالية والخوف من فقدان الوظيفة وايضا الخوف من المستقبل الغامض.
2. محدودية الدخل وارتفاع تكاليف المعيشة
مع تزايد التضخم يجد الموظفون صعوبة متزايدة في تلبية احتياجاتهم الأساسية او الاولويات مثل : الكراء، او الايجار، مصاريف الماء والكهرباء والهاتف، ثم مصاريف الاكل " ناهيك عن الاشياء الاخرى، مما يجعلهم عرضة لضعف في الادخار وعدم القدرة على الاستثمار، الأمر الذي يحد من إمكانياتهم لتحقيق الاستقلال المالي، وفي بعض الاحيان ينتهي بهم المطاف بين يدي البنوك من اجل اخد قروض ربوية بنكية، الشيء الذي يزيد الطينة بلة فيجدون انفسهم داخلة زنزانة الوظيفة لا يتكلمون ولا ينطقون بشيء امام ارباب العمل خشية فقدان وظائفهم.
3. استنزاف الوقت والجهد
يشعر العديد من الموظفين بأن عملهم يستنزف وقتهم وجهدهم، ما يجعلهم غير قادرين على تطوير أنفسهم أو البحث عن فرص أخرى لتحقيق دخل إضافي، فعلى سبيل المثال لا يمكن للعامل او الموظف في بعض القطاعات الانصراف من العمل حتى وان اكمل عمله بل يجب عليه البقاء حتى تنتهي ساعات العمل المتفق عليها بينه وبين المشغل، وهذا ما يستنزف وقته وجهده.
القسم الثاني: بعض الحلول للتكيف مع الوضع المعيشي، مع اهم الخطوات حول كيفية التحرر من قيود الوظيفة؟
1. وضع خطة مالية وتحديد الأهداف
حتى تتمكن من التغلب على سجن الوظيفة واللجوء الى بدائل اخرى تمكنك من تحقيق الحرية المالية، يجب وضع خطة مالية شهرية تتضمن توفير نسبة معينة من الدخل للادخار مثلا 30% من الراتب تخصص للادخار. ثم يجب تحديد أهداف مالية قصيرة وطويلة المدى حتى تساعدك على التحفيز نحو الاستقلال المالي، ثم بعد جمع بعض المال يجب استثمار نسبة منه لا كله حتى تتغلب على المخاطر المالية التي يمكن ان تحدث اي حتى لا تخسر كل مالك لانك لاتزال مبتدءا.
2. تحسين المهارات وتطوير الذات
من اجل تحسين المهارات وتطوير الذات يمكن للموظفين استغلال أوقات فراغهم لتطوير مهارات جديدة في مجالات تتناسب مع احتياجات السوق، فمثلا اذا كان ينوي الشخص العمل اونلاين فيمكنه تعلم بعض المهارات المطلوبة في سوق الشغل وفقط من البيت، مثل البرمجة، التسويق الرقمي، أو إدارة المشاريع. هذا التطور قد يفتح لهم فرصًا للعمل الحر أو زيادة الدخل.
3. الاستفادة من منصات العمل الحر
ان منصات العمل الحر توفر فرصًا عديدة للربح من الإنترنت. بحيث يمكن للموظفين بدء مشاريع جانبية تدر عليهم دخلاً إضافيًا او ما يعرف ب " الدخل السلبي - Passive Income "، وذلك عن طريق كتابة المحتوى، التصميم، أو الترجمة... دون الحاجة إلى ترك وظائفهم الحالية.
4. الاستثمار بشكل مدروس
كما سبق الذكر يمكن توجيه نسبة صغيرة من الدخل للاستثمار، سواء في الأسهم، الصناديق الاستثمارية، أو حتى العقارات الصغيرة، ومن الاحسن ان يكون الاستثمار في المجالات التي تفهمها ولديك دراية عامة بها، بشرط إجراء دراسة جيدة للمخاطر والعوائد المتوقعة او يمكن عمل دراسة جدوى اذا كان المشروع يحتاج ذلك. هذا الاستثمار قد يدر دخلاً إضافيًا على المدى الطويل.
5. تحسين إدارة النفقات
من اجل جمع المال يجب التخلص من النفقات غير الضرورية اي التي تستنفد منك المال وليست ضرورية بالنسبة اليك على سبيل المثال فإذا كنت تملك دراجة وتظهر اليك مناسبة وانها تنقلك في الوقت وغير متعبة لك فانك لست بحاجة الى سيارة تستنفد منك المال كل يوم هذا فقط مثال بل نحن نود ان تتخلى عن الاكل يوميا في الخارج بينما في المنزل باقل تكلفة او يمكنك لبس بعض الملابس فلا حاجة لشرائها كل مرة وهكذا... فهذا يعد خطوة أساسية لتحقيق التوازن المالي. ومن الأفضل تقييم المصروفات الشهرية بدقة، وتحديد أي من تلك المصروفات يمكن الاستغناء عنها أو تقليصها.
6. بناء مصادر دخل متعددة
فاذا اردت الوصول الى الحرية المالية من المهم عدم الاعتماد على مصدر دخل وحيد كما يقال " لا تضع بيضك في سلة واحدة ". بل يمكن البدء ببناء مصادر دخل أخرى من خلال استثمار الوقت في مشاريع جانبية، مثل التجارة الإلكترونية او التجارة التقليدية أو إنشاء محتوى على منصات التواصل الاجتماعي كاليوتوب او فايسبوك، تيك توك وغيرهم.
خلاصة
ان الاعتماد على الراتب في عالم متغير يعرض الموظفين لضغوط مادية ونفسية كبيرة بل يسعى ذلك الى فقدانهم الشغف نحو الحرية المالية؛ لان التحرر من قيود الوظيفة يعتبر تحديا كبيرا وعقبة تقف امام الموظف الذي يتقاضى راتبا شهريا، لكن اذا التزم الشخص بتطوير الذات، وتحسين إدارة النفقات، وكذلك البحث عن مصادر دخل إضافية، فانه سوف يتمكن من تحقيق الاستقلال المالي على المدى البعيد. لانه صراحة سجن الوظيفة قد يكون واقعًا معاشيا للبعض، ولكن السعي نحو التحرر منه يبدأ بخطوات بسيطة وفعالة لتحقيق توازن مادي واستقرار مالي.